فهم واقع البحر الأبيض المتوسّط عبر وسائل الإعلام

مقدمة

 
ممّا لا شكّ فيه أنّ نسبة العاطفة والمشاعر التي تولّدها العلاقة بالمتوسّط تساهم في تعقيد فهم المسائل المتعلّقة بهذه المنطقة. يعتبر المتوسّط بمثابة مفترق طرق يرتبط فهمه بالأبعاد التاريخية والجغرافية والسياسية والإثنولوجية والثقافية. أمام هذه التركيبة الفسيفسائية، ما هي الثورة التي نقلتها المحطات الفرنسية على مدى نصف قرن تقريباً؟
يظهر جلياً أنّ تراثاً علمياً وأدبياً عريضاً يغذّي الأفلام الوثائقية والتقارير، بدءاً من الآثار التي خلّفتها حملة بونبارت في مصر وخطابات أتباع القديس سيمون التي من شأنها جعل هذا البحر مهداً لتلاقي الشرق والغرب وصولاً إلى المفاهيم الاستعمارية في الجزائر بين الأعوام 1839 و1842. يرتبط الاختراع العلمي للمتوسط بأعمال الجغرافيين الذين يلحظون بيئة طبيعية فريدة ومناظر خلابة. ومن هنا، يخصّص إيليزه روكلوفصلاً من كتابه المعنون "الجغرافيا العالميّة من أجل المتوسّط". وقد أصبح المتوسط بقلم فرناند بروديل "شخصية تاريخية" وشكّل مصدر إلهام لكثر آخرين أمثال جان بالار الذي أعاد دمج الضفة الثانية، أيّ الإسلام، في المحيط المتوسطي في مقابل المتوسط اللاتيني الذي دافع عنه شارل موراس في كتابه المعنون "دفاتر الجنوب" Les Cahiers du Sud.
 
يساهم التلفزيون، بوصفه وسيلة للتواصل مع الجماهير، بإعادة رسم المتوسط. فما هي إذاً المميزات الذي يسعى إلى تعزيزها؟ هل يتمّ تجاهل بعض الخصائص بهدف المحافظة على التوافق على مستوى القاعدة الشعبية؟ يرتكز قسم من مشروع ماد مام على هذه النظرة فيجمع صوراً من حول المتوسط. ومن شأن هذه النظرة الأولى تشكيل مقاربة منهجية حول دور وسائل الإعلام الحيوي في نظرتنا إلى بعض الوقائع مع أنّ النظرة تنبثق عن المجتمع الفرنسي. ولن يتوانى الموقع عن المضي قدماً في تجميع مزيد من الصور.
 
ولإضفاء المزيد من الوضوح، سيرتكز التحليل إلى الأفلام الوثائقية والتقارير التي تتناول موضوع المتوسط. وتسلط هذه البرامج الضوء على النواحي التوافقية في المتوسط لا النزاعات، على نشرات الأخبار. إذا قسّمنا الإنتاج التلفزيوني الفرنسي إلى أربع حقبات مهمّة ما بين الأعوام 1958 و1998، نرى اهتماماً متزايداً بقضايا المتوسّط. ما بين الأعوام 1958 و1964، استقطب المتوسط نسبة 5% من الانتاج العالمي ونسبة 10% بين 1965 و1974 ناهيك عن نسبة 17% بين 1976 و1984 ونسبة 68% ما بين الأعوام 1985 و1998. وبالتالي، على مدى أربعين عاماً، شكّل المتوسط موضوعاً محورياً على الشاشة الفرنسية.
 

 

مقدمة

1- المتوسط من بيئة مثالية نحو ح...

2- المتوسط ما بين الجغرافيا الس...

3- من أجل بُعد ثقافي للمتوسّط

4- لقاء مع التاريخ: متوسط فرنان...

الخاتمة: زمن التّعاون

قائمة المراجع

ملخص

ممّا لا شكّ فيه أنّ نسبة العاطفة والمشاعر التي تولّدها العلاقة بالمتوسّط تساهم في تعقيد فهم المسائل المتعلّقة بهذه المنطقة. يعتبر المتوسّط بمثابة مفترق طرق يرتبط فهمه بالأبعاد التاريخية والجغرافية والسياسية والإثنولوجية والثقافية. أمام هذه التركيبة الفسيفسائية، ما هي الثورة التي نقلتها المحطات الفرنسية على مدى نصف قرن تقريباً؟ يظهر جلياً أنّ تراثاً علمياً وأدبياً عريضاً يغذّي الأفلام الوثائقية والتقارير، بدءاً من الآثار التي خلّفتها حملة بونبارت في مصر وخطابات أتباع القديس سيمون التي من شأنها جعل هذا البحر مهداً لتلاقي الشرق والغرب وصولاً إلى المفاهيم الاستعمارية في الجزائر بين الأعوام 1839 و1842. يرتبط الاختراع العلمي للمتوسط بأعمال الجغرافيين الذين يلحظون بيئة طبيعية فريدة ومناظر خلابة....

كاتب

كريفيلو ماريلين
"أستادة جامعية و بروفسورة بالتاريخ Université d'Aix-Marseille, TELEMME, MMSH"