الهجرة السرية في المتوسط
المقدّمة
يجسّد المتوسط منطقة جغرافية يتحرّك فيها الناس بكثافة وقد كان فرناند بروديليعتبرها "فسحة للحركة". اتّخذت دول المتوسط مروحة من التدابير القسرية ولجأت إلى وسائل لوجيستية بغية غربلة تدفق المهاجرين، ومع ذلك لا يزال قسم كبير منهم عصياً على كل مراقبة. ولا يبدو أن التحاليل المستندة إلى الإحصاءات الرسمية تتمتع بمصداقية كبيرة، فتغيب الأرقام الدقيقة التي تحدّد الهجرة غير الشرعية وهذه ظاهرة بحكم تعريفها، لا يمكن أن تحصر بالأرقام. تسحر بلدان المتوسط الغنية الأفراد بأسطورة المجتمع المثالي ما يدفعهم إلى التحرّك.
وغالباً ما تكون حركة الهجرة من الجنوب إلى الشمال ما يدفع "غير المرغوب بهم" إلى الالتفاف على الحواجز الطبيعية والقانونية والأمنية. فتتخذ إذاً الهجرة غير الشرعية شكلين ألا وهما الهجرة غير النظامية والهجرة السرية.
من شأن التقلبات الأمنية والمعنوية التي يفرضها الوضع هذا أن تغذي النقاشات الساخنة المتمحورة حول تسوية أوضاع المهاجرين بدون أوراق وانعدام الأمن والدين والخيارات الوطنية والهوية الوطنية. واستغلّ اليمين المتطرّف هذه المواضيع نظراً أنّها تشغل حيزاً مهماً لدى الرأي العام الأوروبي سيّما في أثناء الحملات الانتخابية أو عند وقوع حوادث مأساوية.
أدركت الدول الأوروبية أنّها عاجزة عن محاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وحدها لذا حشدت طاقاتها الديبلوماسية حتى تشرك بلدان الهجرة أو "دول العبور" في سياساتها المقيّدة مقابل رضوخ بلدان الشمال لبعض أشكال الابتزاز السياسي من بلدان الجنوب على غرار ليبيا، فتمنحها مساعدة مادية كي تعزّز عتاد رجال الشرطة على الحدود. أضف إلى ذلك تمويل مشاريع تنموية والتخفيف من القيود المفروضة على شرائح معينة من المهاجرين (أمثال رجال الأعمال والطلاّب والمتدرّبين). وعلى الرغم من التدابير كافة، لا تزال تتصدّر الأخبار صورُ اعتراض طريق سفن صيد وزوارق وقوارب تنقل مهاجرين غير شرعيين فضلاً عن مشاهد سوداوية لمهاجرين سريين غرقوا في البحار وعمليات توقيف شبكات اتجار بالمهاجرين.
مقتطف
ولا بد من التطرق إلى مقاربة أولية ترتكز على نقاط حساسة في الفضاء المتوسطي بغية استيعاب الهجرة السرية في أبعادها القانونية والديبلوماسية والإنسانية.
المقدّمة
محور مركزي بين تونس وإيطاليا
ليبيا وضع متناقض
الرحيل أو العبور من المغرب
تركيا، ملتقى المهاجرين
ملخص
يجسّد المتوسط منطقة جغرافية يتحرّك فيها الناس بكثافة وقد كان فرناند بروديل يعتبرها "فسحة للحركة". اتّخذت دول المتوسط مروحة من التدابير القسرية ولجأت إلى وسائل لوجيستية بغية غربلة تدفق المهاجرين، ومع ذلك لا يزال قسم كبير منهم عصياً على كل مراقبة. ولا يبدو أن التحاليل المستندة إلى الإحصاءات الرسمية تتمتع بمصداقية كبيرة، فتغيب الأرقام الدقيقة التي تحدّد الهجرة غير الشرعية وهذه ظاهرة بحكم تعريفها، لا يمكن أن تحصر بالأرقام. تسحر بلدان المتوسط الغنية الأفراد بأسطورة المجتمع المثالي ما يدفعهم إلى التحرّك...
كاتب
Ben Khalifa Riadh
محاضر في التاريخ،
جامعة تونس، المعهد العلي للعلوم التطبيقية والإنسانية
GASTAUT Yvan
أستاذ جامعي مختص في التاريخ المعاصر
Université de Nice-Sophia Antipolis, URMIS