|
حفلة فنية لأم كلثوم |
عنوان المجموعة
اخبار المساء
تاريخ البث الأول
1967/11/18
ملخص
جمهور هائج للترحيب بأم كلثوم في قاعة الأولمبيا، تؤدي المغنية المصرية المحترفة أغنية "يا قلبي" برفقة الأركسترا التابع لها.
شركات الإنتاج
-
المركز الوطنى للاذاعة و التلفزة الفرنسية - انتاج ذاتي
الموضوع الرئيسي
موسيقى وغناء
خريطة الاماكن
- فرنسا - (وسط وايل دو فرانس( منطقة باري - باريس
مدة الشريط التقديرية
2m30
السياق
حفل أم كلثوم. - INA00029
إيفان غوستو
يستحضر الريبورتاج الذي بث في نشرة المساء لمكتب البث الإذاعي والتلفزيوني الفرنسي في الثامن عشر من نوفمبر 1967، الحفلين الاستثنائيين الذين قدمتهما أم كلثوم في قاعة الأولمبيا بباريس في الثالث عشر والخامس عشر من نوفمبر.
ولدت أم كلثوم في في قرية ريفية في دلتا النيل، وسط عائلة بسيطة جداً في تاريخ مجهول حوالي 1900 وتوفيت في 1975. تعتبر أكبر مطربة في العالم العربي وقد لقبت بكوكب الشرق.
ظهرت موهبة أم كلثوم المبكرة، لم كانت تنصت إلا والديها يعلمان فن الغناء إلى أحد اخوانها. لم تكن تتجاوز سن العاشرة، لم ادخلها والدها متنكرة في ذي صبي، في الفرقة الصغيرة للشيخ التي يسيرها لإحياء الحفلات الدينية. في سن السادس عشر، إكتشف موهبتها مطرب وعازف عود مشهور. بدأت مسيرتها الفنية في القاهرة في المساره الصغيرة. وسرعان ما تعرفت المطربة الشابة على أعلام الفن مذ الشاعر أحمد رامي الذي كتب لها أكثر من مئة أغنية، أو محمد القصبجي، عزف عود بارع، مكانها من الغناء في صالة عرض حقيقية: قصر المسرح العربي، في منتصف العشرينات. وقد جلبت حفلاتها المجانية جماهير غفيرة و ساعدت على جعلها مشهورةً على نطاق واسع. في 1932، ضاع سيط أم كلثوم وبلغت شهرة كبيرةً، حيث اطلقت جولتها الفنية "الشرقية" الأولى، و جنات في كبرى المدن خاصة دمشق وبغداد وبيروت وطرابلس.
في 1934، لقبت "أحسن مطربة مصرية" بفضل طبعها الفني الذي يمزج بين أسلوب رومنسي معاصر وأسلوب كلاسيكي إلى حد ما، وافتتحت إذاعة القاهرة التي بثت على موجاتها كل حفلاتها بصورة منتظمة. أصبح الجمهور بنتظر عروضها بفارغ الصبر ويترقب ظهورها، حتى في شاشات السنيما لأنها كانت تشارك في بعض الأفلام في مطلع الأربعينات، لكنها لم تكمل في مشوارها كممثلة. وكان تفانيها كبيراً إلى حد أن العائلة المالكة كانت تحضر حفلاتها، وتطلب منها أيضاً حفلات خاصة. في 1944، توجها الملك فاروق الأول بأسمى الأوسمة المصرية "نيشان الكمال" الذي عادة ما يسلم إلى أعضاء العائلة المالكة ورجال السياسة. ولكن أم كلثوم حين رفضت الزواج من عم الملك قررت الاكتفاء بعلاقة رسمية مع فاروق الأول.
لما كانت في ذروة شهرتها في 1948، إرتبطت بعلاقة صداقة مع الملازم الكولونيل جمال عبد الناصر، أحد كبار معجبيها. فيما بعد تبنت أم كلثوم قضية الثورة المصرية التي انتهت في 1952، ولقبت اثرها بمطربة الشعب.
سمعت المطربة لم تتراجع قط، بالعكس تزايدت واشتهرت في جميع أرجاء الوطن العربي في الخمسينات والستينات بفضل مجموعة غنية من حوالي ثلاث مئة عنوان وكذا بإلتزامها الثابت أمام وطنها وأمام القضية الناصرية والأعمال الخيرية التي كانت تقوم بها لمساعدة الفقراء. يستمر حفل أم كلثوم ثلاث أو أربع ساعات، تغني خلالها اغنيتين أو ثلاث، يتخللها إرتجال أغاني وألحان طويلة جداً، أمام جمهور مأخوذ تماماً بها. في كل مكان تغني فيه، سواءً في الخرطوم، الكويت، عمان، بيروت، أبوظبي، كراتشي، طرابلس، تونس أوالرباط، تلقى إعجاباً ساحقاً من قبل جمهور مأخوذ تماماً.
في 1967، سجلت باريس حدوث أسطورة حقيقية، حتى ولو كان الجمهور الفرنسي لا يعرف قط "الست"، لكن تكلفت الصحافة بإطلاع قرائها على المطربة، مثل جريدة "لو فيغارو" : " انها ماريا كالاس العرب، إديت بياف، بل وأكثر ماهاليا جاكسون، كل هذا غير كافٍ لتكون لنا فكرة عما تمثله أم كلثوم". فكرة تاريخية أولاً، لأنها ستقدم لأول مرة : حفلان خارج العالم العربي يسلبان القلوب (حفل آخر كان قد نضم في مدينة موسكو بسبتمبر 1970، لكنه ألغي بسبب وفاة جمال عبد الناصر). لم يتردد برونو كوكاتريكس، مدير الأولمبيا، في المخاطرة وقد صرح قائلاً: "كانت جنوني". وقد دفع مبالغ طائلة لينجز عملية اشهارية وتجارية رائعة: تحصلت الفنانة على المبلغ القياسي الذي يعادل 10 ملايين فرنك للحفل (عشرة أضعاف حفل كلاسيكي) تبرعت بها للجيش المصري.
وفي المقابل كان النجاح في الموعد، وإن واجه برونو صعوبةً لإسراع فريق التلفزة لتصوير وصول النجمة في مطار أورلي: لم يتبق أي مقعد شاغر في الأولمبيا وبيعت التذاكر بأكثر من ألفي فرنك في السوق السوداء. قبل الحفل، امتد خط الإنتظار على طول شارع الأولمبيا إلى غراند راكس. بالإضافة إلى الجمهور الباريسي الذي كان يضم أيضاً شارل ازنافور وإنريكو ماسياس، حضر الحفل العديد من العرب من بينهم جزء كبير من العمال المغتربين.
أمام عرض كهذا، اعرب بعض الملاحظين عن قلقهم وتبنوا تصريحاتٍ عنيفةٍ، مثل الصحفي جون مكابي في فرانس سوار، بتاريخ الخامس عشر من نوفمبر حيث أطلق العنان للعنصرية ضد العرب وشاركه الرأي مجموعة كبيرة من الناس: " آلاف وآلاف من المتعصبين ذهبوا إلى الأولمبيا مثل ما يذهبون إلى مكة: ليروا الإحتفال الديني. إنه حفل الكاهنة العظمى للإسلام التي ستغني". أكثر رصانة من التصريح السابق ذكره، لم يخفي برونو كوكاتريكس انبهاره بتصرفات هذا الجمهور الفريد من نوعه: "لم يسبق لي أن رأيت مثل هذا، حتى مع نجوم الروك. شيء لا يصدق، رؤية هذا الجمهور الهائج الذي استقبلها وهوا يصرخ وبعدها ينام مثل حيوان شرس مروض". لما غنت أم كلثوم جزءًا من أكثر اغانيها شهرةً "الأطلال" : "هل رأى الحب سكارى مثلنا؟"، عمت القاعة بهجة عارمة: حاول أحد عمال شركة بيجو، أصله من مدينة بسكرة، الصعود على خشبة المسرح لتقبيل قدميها. تعثرت النجمة وابتسمت جراء ما حصل ثم سخرت من هذا المعجب الأخرق في الجزء التالي من الأغنية.
في وقت متأخر من الليل بعد ساعات عديدةٍ من الغناء، كان هنالك في مخرج الأولمبيا، عشرة أضعاف الجماهير التي كانت تكتض في حنايا قاعة الأولمبيا. من لم يتمكن من الحصول على بطاقة، كان يبقى هنالك، آملاً أن يلمح النجمة. بالاضافة إلى هذا، تم بث الحفل، إستثنئياً، في"موزيكوراما" (جهاز بث مباشر للعروض الصوتية الخاصة بقاعة الأولمبيا ب-الاتفاق مع محطة اذاعة اوروبا 1 بين عامي 1957 و 1974) في سينما "لو لوكسور" في المقاطعات العاشرة. كانت هذه القاعة تجذب جمهوراً غفيراً من المغتربين في شمال شرق باريس، وهي تبث عادةً أفلام هندية (لها شعبية كبيرة لدى المغاربة)، مصرية أو ،على نطاق أوسع، أفلام عربية بالنسخة الأصلية.
كان هذان العرضان اسطوريان أيضاً لأسباب دبلوماسية، فمرور أم كلثوم في باريس في نوفمبر 1967، يمكن ضمه في إطار "النكسة"، الهزيمة العسكرية الرهيبة لمصر والعالم العربي ضد إسرائيل بعد حرب الستة أيام، التي وقعت قبل بضع أشهر في جوان 1967. فشرعت النجمة الضالعة بشكل كبير في القتال ضد الصهيونية، في القيام بجولات فنية نضالية في البلدان العربية. ولم تعد عن قرارها بالغناء في فرنسا، قرار إتخذذته قبل إندلاع الصراع. بل بالعكس،ضد رغبة بعض معارفها، رأت أم كلثوم في هذا الحفل فرصةً لتاكيد "الكرامة العربية" وكذلك لجمع النقود لبلدها لفائدة الحرب. لم تخف المطربة التزامها وتحدثت عنه في أول مقابلة تلفزيونية حقيقية لها اجرتها باللغة العربية بالتزامن مع حفلها، وأكدت فيها عن تعلقها الكبير بمصر واعربت عن حبها لباريس وللمرأة الفرنسية حتى لو، كما قالت: لا تزال المسلة موضع خلاف. ولم تتردد الجريدة اليومية لباريس - نهار، في تقديم ثم أم كلثوم على أنها "قنبلة ناصر". وهكذا، من خلالها و من خلال صوتها ظل العرب عاشوا صدمة رهيبة، واقفون و يغنون. في هذا التقرير، تتكلم في ميكروفون جان بيير انكيري ببضع كلمات عربية، وتعبر عن رضاها بالترحيب الذي تلقته.
ولم تنفك القضايا السياسية لهذا الحفل في إثارة قلق برونو كوكاريكس الذي تلقى تهديدات مجهولة ومع هذا أراد منع مناصري إسرائيل أو مناضل الحركة اليمنية القصوى من وقف الحفل. ولذا تم تشديد مراقبة الشرطة على قاعة الأولمبيا. بعد بضع أيام من المقابلة الصحفية المشهورة التي ألقاها رئيس الجمهورية شارل دي غول في السابع والعشرين من نوفمبر 1967 والتي تحدث فيها عن اليهود "كشعب من النخبة، واثق من نفسه ومسيطر" قام هذا الأخير وهو من معجبي أم كلثوم ببعث تلغرام يهنئها فيه بادأه المزدوج في الأولمبيا.
من خلال فن أم كلثوم، الذي يقع في منتصف الطريق بين الموسيقى العربية التقليدية والحداثة بمرافقة أوركسترا مهمة، كان جزء من مصر ومن العالم العربي الذي جاء يغني في باريس في نوفمبر 1967. ولأول مرة، أدركت فرنسا وجود "ثقافة عربية شرقية" على أرضها، تتجاوز البعض الإقتصادي للهجرة.
بعيداً عن محبذة وعن التزامها السياسين تظهر "الست" مثل نموذج للمعاصرة وتحرر النساء العربيات اللاتي حثتهم على إزالة الخمار أثناء حفلاتها، فهذا لم يكن يمنعها أن تبقى متدينة هي نفسها طول حياتها. لأم كلثوم دور هام في المجتمع العربي الحالي حيث أصبحت رمزاً للوحدة الوطنية في بلدها. وكدليل على شعبيتها، تم تتبع جنازتها في فيفري 1975, ملايين الأشخاص.
المراجع والمراجع الإلكترونية
- Virginia Danielson, The Voice of Egypt : Umm Kultgum, Arabic song and Egyptian Society in the XXème century, University of Chicago press, 1997.
- Oum Kalsoum, documentaire de Simone Bitton, 1993
- Emission de France culture Une vie une œuvre 31 décembre 2011 « Oum Kalsoum la voix des Arabes » par Mathieu Garrigou-Lagrange.
http://www.franceculture.fr/emission-une-vie-une-oeuvre-oum-kalsoum-la-%C2%AB-voix-des-arabes-%C2%BB-autour-de-1900-1975-2011-12-31