ترسم هذه المقالة المراحل الأساسية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي من شهر سبتمبر/أيلول العام 1993 إلى شهر نوفمبر من العام 2012، أي منذ بدء عملية التفاوض الرسمية بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى حين منح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة.

 

تشكّل هذه الفترة محطّة معقدة وفي الظاهر متناقضة. في الواقع، في حين بَعَث إطلاقُ عملية التفاوض الأملَ في النفوس لإيجاد منفذ يفضي إلى حلّ الصراع، تدهورت العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفي الوقت عينه تصاعدت حدّة العنف. وعلى الرغم من هذا التراجع، لا يزال عدد كبير من المراقبين (الصحفيين والسياسيين والباحثين) يعتبر السنوات التسع عشرة الماضية مرحلةً انتقاليةً لا بدّ أن تولّد عاجلاً أم آجلاً مخرجاً سياسيّاً أدّت إليه المفاوضات وإلى إنشاء دولة فلسطينية. ويؤثر المراقبون هذه القراءة للأحداث، بل يحتفون بالأحداث والعمليات التي قد تقرّب من هذه الغاية. وفي المقابل، يقلّلون من شأن تلك التي تبعدهم عنها أو حتى لا يتصوّرون أنّها ستقع (على سبيل المثال الاستعمار الاسرائيلي وبناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، وتفشي العنف والتطرف في المعسكرين).

 

في الحقيقة، تشوّش هذه القراءة العابرة فهم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. إذا استعرضنا أبرز الأحداث والعمليات التي وسمت السنوات التسع عشرة الماضية للاحظنا أنّ التغييرات العميقة التي ولّدتها على أرض الواقع تعيق أكثر فأكثر إنشاء دولة فلسطينية. ولا يعني ذلك الاستسلام لليأس وإنّما تبديل المنظورات بغية استيعاب الطريقة التي غيّرت فيها التعديلات الطارئة على هذه الفترة منحى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فأخته إلى طريق غير ذلك الذي رسمته عملية السلام المثبطة.

ولا ترتكز هذه المقالة إلا استثنائياً على الأرشيف المصوّر المتاح على قارئات موقع ماد مام Medmem، وفي الواقع هذا خيارنا: فمن المهمّ أن ننأى بأنفسنا عن زمن الأحداث التي تندرج ضمنه بعض المصادر الإعلامية مثل ما هو الحال لبرامج الأخبار وذلك بغية فهم هذا الصراع. من ثمّ، لا بدّ من الابتعاد قليلاً عن الخطابات والمواقف السياسية التي تساعد على إبراز بعض من هذه المصادر. من هذا المنطلق، أترك للقارئ حرية تصفح هذا الأرشيف وفقا لرغبته بهدف إتمام قراءة هذه المقالة.